ruben-amorim

بعد ستة عشر شهرًا على رحيله عن نادي يوفنتوس الإيطالي، يجد أدريان رابيو نفسه وجهاً لوجه أمام فريقه السابق، في واحدة من أكثر مباريات المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي إثارة، عندما يحل ميلان المتصدر ضيفًا على غريمه التاريخي في تورينو.

اللاعب الفرنسي الدولي، الذي ارتدى قميص “السيدة العجوز” بين عامي 2019 و2024، يستعد للعودة إلى ملعبه القديم ولكن هذه المرة بزي “الروسونيري”، بعدما وجد في ميلان بيئة مثالية لاستعادة مكانته، وملاذًا جديدًا تحت قيادة مدرب يعرفه عن قرب ويعدّه بمثابة أب، ماسيميليانو أليجري.

عودة غير متوقعة عبر باب أليجري

قصة عودة رابيو إلى “الكالتشيو” بدأت بطريقة درامية. ففي نهاية آب/أغسطس الماضي، انتهت مغامرته القصيرة في مارسيليا بعدما دخل في شجار عنيف مع أحد زملائه، ليقرر النادي الفرنسي استبعاده بشكل نهائي. بدا أن اللاعب البالغ من العمر 30 عامًا يقف أمام منعطف حاسم في مسيرته، لولا تدخل أليجري، الذي تولى تدريب ميلان حديثًا، وأصر على إقناع إدارة النادي بالتعاقد معه.

أليجري، الذي ظل على تواصل منتظم مع لاعبه السابق خلال الأشهر الماضية، لم يتردد في رفع الهاتف مرارًا لإدارة “الروسونيري”، مؤكداً أن رابيو هو القطعة المفقودة في خط الوسط، وأنه قادر على إحداث الفارق فورًا. وبعد مفاوضات سريعة، تم حسم الصفقة مقابل سبعة ملايين يورو فقط، بعقد يمتد لثلاث سنوات، قبل ساعات قليلة من إغلاق سوق الانتقالات الصيفية.

ميلان يجد ضالته

منذ تلك اللحظة، انقلبت موازين ميلان. فالفريق الذي بدا بحاجة إلى دماء جديدة في الوسط، وجد ضالته في وصيف بطل العالم 2022. خلال أربع مباريات فقط في الدوري، شارك فيها رابيو أساسياً، حقق ميلان أربعة انتصارات متتالية، استقبل خلالها هدفًا واحدًا فقط. لكن الإنجاز الأكبر كان التفاهم السحري الذي ولّده مع الكرواتي المخضرم لوكا مودريتش.

الثنائي، الذي يجمع بين القوة البدنية والذكاء الفني، قدّم نسخة جديدة من ميلان، أكثر صلابة وأكثر شغفًا. المدرب الإيطالي الأسطوري فابيو كابيلو عبّر عن إعجابه قائلاً: “ميلان اليوم يتمتع بروح لم نرها الموسم الماضي. هذا يعود بالدرجة الأولى إلى كاريزما لاعبيه الكبار، مودريتش ورابيو. إنهما قادة حقيقيون داخل الملعب، ويلهمان زملاءهم والجماهير”.

مودريتش ورابيو.. كيمياء خاصة

رابيو نفسه تحدث عن شراكته مع مودريتش عبر منصة “دازون”، قائلاً: “اللعب بجوار لوكا أمر مدهش. لا أفهم كيف يستطيع الركض 90 دقيقة كاملة بهذا العمر (40 عامًا). إنه يعشق كرة القدم، يدافع ويهاجم ويقاتل على كل كرة. هذه الروح هي ما يميز ميلان الحالي”.

هذا التفاهم انعكس مباشرة على النتائج، ومع انطلاقة قوية أيضًا للأمريكي كريستيان بوليسيتش، الذي سجل أربعة أهداف، صعد ميلان إلى صدارة الدوري الإيطالي متساويًا مع نابولي وروما.

رابيو، الذي يحمل الرقم 12 مع ميلان، أوضح أنه لم يحتج وقتًا طويلًا للتأقلم، قائلاً: “أنا أعرف الميستر أليغري جيدًا، وأعرف طاقمه المساعد، وهذا سهّل كثيرًا عملية اندماجي. جئت إلى ميلان بتواضع ورغبة في العمل، وأسعى لأن أكون قدوة لزملائي وأساعد الفريق”.

وأضاف: “أنا سعيد بالعودة إلى الدوري الإيطالي. مواجهة يوفنتوس ستكون مؤثرة بالنسبة لي، فقد قضيت هناك خمس سنوات رائعة”.

خمس سنوات في تورينو

رحلة رابيو مع يوفنتوس امتدت من 2019 حتى 2024، خاض خلالها 157 مباراة في الدوري الإيطالي وسجل 18 هدفًا. بدأ تحت قيادة ماوريتسيو ساري، ثم عمل مع أندريا بيرلو، قبل أن يعيش أفضل فتراته بعد عودة أليجري في 2021.

رغم أن خزائنه لم تُثقل إلا بكأس إيطاليا، إلا أن مشكلاته لم تكن فنية بقدر ما كانت إدارية ومالية. ففي ظل أزمة كورونا، عانى يوفنتوس من ضائقة مالية حرمت النادي من الصفقات القوية، بل وحتى من المشاركة في البطولات الأوروبية موسم 2024.

ومع نهاية عقده، كان رابيو يأمل في تجديد الارتباط مع “السيدة العجوز”، لكن إدارة يوفنتوس رفضت مطالبه المالية العالية، ليقرر الفرنسي خوض مغامرة جديدة بالانتقال إلى مارسيليا، في صفقة لم تعمّر طويلاً.

من مارسيليا إلى ميلان.. ومن جديد إلى تورينو

العودة إلى ملعب يوفنتوس تحمل الكثير من الرمزية بالنسبة لرابيو. فهو يعود كلاعب متألق في صفوف متصدر الدوري الإيطالي، وفي مواجهة فريق لم يتمكن من تلبية طموحاته. بينه وبين جماهير البيانكونيري علاقة معقدة: فيها لحظات من الحب والإعجاب، وفيها أيضًا خيبات أمل.

لكن رابيو لا يخفي حماسه لموقعة الأحد، قائلاً: “أنا سعيد للغاية بالعودة إلى تورينو. ستكون مباراة رائعة وصعبة، وآمل أن نحقق الفوز.”

إنها مباراة تحمل بين طياتها الكثير من المعاني: مواجهة بين الماضي والحاضر، بين الحب القديم والطموح الجديد، وبين وفاء لاعب لمدرب ظل دائمًا إلى جانبه، وبين جمهور سيستعيد ذكرياته مع لاعب عرف كيف يقاتل بقميصه خمس سنوات كاملة.

وبينما يستعد يوفنتوس لاحتضان أحد أبنائه السابقين، فإن رابيو يدخل أرض الملعب هذه المرة بشعار ميلان، المتصدر والطامح للقب طال انتظاره، في ليلة قد تكون فاصلة لمسيرته مع “الروسونيري”.