حل بعيد عن علم الصواريخ.. هل يستمع أموريم لنصيحة أسطورة يونايتد؟ | كووورة

يعيش مانشستر يونايتد واحدة من أكثر فتراته قتامة في العصر الحديث، فمنذ تعيين المدرب البرتغالي روبن أموريم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم تهدأ دوامة الانتقادات حول أسلوبه التكتيكي واختياراته الفنية.
ومع استمرار النتائج المخيبة، جاء الدور على أحد رموز النادي، المدافع الأسطوري ريو فرديناند، ليطلق تصريحات حادة تنتقد إصرار المدرب على خطة 3-4-2-1، داعيًا إلى العودة للنظام التقليدي 4-2-3-1 الذي يراه الأنسب لإمكانات الفريق الحالية.
نتائج كارثية وأرقام مقلقة
منذ توليه القيادة، أصر أموريم (40 عامًا) على تطبيق فلسفته القادمة من سبورتنج لشبونة، معتمدًا على طريقة 3-4-2-1. لكن الواقع كان صادمًا؛ إذ خاض يونايتد 33 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادته، خسر منها 17 لقاءً، وحقق 9 انتصارات فقط، فيما انتهت بقية المباريات بالتعادل.
هذه الحصيلة المخيبة انعكست مباشرة على جدول الترتيب، فأنهى الشياطين الحُمر الموسم الماضي في المركز الخامس عشر، وهو الأسوأ في تاريخ النادي بالبريميرليج. وزاد الطين بلة خسارة الفريق نهائي الدوري الأوروبي أمام توتنهام، ما وضع الإدارة تحت ضغط جماهيري وإعلامي هائل.
ولم يحمل الموسم الحالي أي بارقة أمل، إذ خسر الفريق ثلاث مباريات من أول ست جولات في البريميرليج، كما ودّع كأس الرابطة الإنجليزية مبكرًا على يد جريمسبي تاون من الدرجة الثانية، في سيناريو وصفته الصحافة البريطانية بـ”المخجل”.
فرديناند: الحل أبسط مما يتصورون
أمام هذا المشهد القاتم، تحدث ريو فرديناند (46 عامًا) بلهجة واثقة عبر البودكاست الخاص به، معتبرًا أن الأزمة تكتيكية بالدرجة الأولى. وقال أسطورة الدفاع الإنجليزي:
“لو لعبوا بطريقة 4-2-3-1، أعتقد أن جميع اللاعبين سيتواجدون في مراكز يشعرون براحة كبيرة فيها”.
وأضاف موضحًا: “لديك لاعبان في محور الارتكاز مثل كاسيميرو ومانويل أوجارتي، ويمكن لكوبي ماينو أيضًا أن يشغل هذا الدور. ثم تملك ثلاثة لاعبين في الخط الأمامي من بين أماد ديالو، وبرايان مبويمو، وماثيوس كونيا، ومايسون ماونت، وحتى ماينو يمكنه اللعب هناك. كل هؤلاء، ومعهم برونو فرنانديز، يستطيعون التبديل بسلاسة بين المراكز الهجومية، وسيكونون سعداء بذلك. أما في خط الهجوم، فهناك بنجامين سيسكو، ومعه برونو الذي يمكنه التواجد خلف المهاجم في مركز الرقم 10، حيث اعتاد أن يقدم أرقامًا مذهلة منذ انضمامه”.
وختم فرديناند حديثه قائلًا: “لا أعتقد أن هذا علم صواريخ. أظن أن الجميع ينظر للأمر ويفكر بنفس الطريقة”.
مزايا خطة 4-2-3-1
ما أشار إليه فرديناند يعكس جوهر المشكلة،فإصرار أموريم على ثلاثة مدافعين ترك مساحات كبيرة خلف الأظهرة، وأربك لاعبي الوسط الذين لم ينجحوا في التغطية بالشكل المطلوب، ما جعل دفاع يونايتد هشًا أمام هجمات الخصوم.
في المقابل، يمنح نظام 4-2-3-1 توازنًا أفضل بين الدفاع والهجوم: ثنائي ارتكاز (مثل كاسيميرو وأوجارتي أو ماينو) لحماية الخط الخلفي، ثلاثي هجومي مرن خلف المهاجم الصريح (بنـجامين سيسكو)، وصانع لعب في مركزه المفضل (برونو فرنانديز) يقود المنظومة.
ركز فرديناند على أهمية عودة برونو إلى مركز صانع الألعاب الصريح، مؤكدًا أن أرقامه المبهرة جاءت حين لعب في العمق الهجومي، وأثبتت الإحصائيات بالفعل أن مردوده يتراجع عندما يُنقل إلى أدوار جانبية أو دفاعية.
واستشهد النجم الإنجليزي بمباراة تشيلسي، حيث تحسن الأداء الهجومي بمجرد تقدم برونو للأمام بعد طرد الحارس روبرت سانشيز، بل وسجل اللاعب البرتغالي هدف التقدم، ما يعزز قناعته بأن توظيف برونو الصحيح هو مفتاح عودة الفريق إلى سكة الانتصارات.
جماهير غاضبة وإدارة مترددة
الجماهير لم تعد تخفي سخطها، إذ ترى أن نتائج يونايتد الحالية لا تليق بتاريخ النادي العريق. أما الإدارة فتجد نفسها بين المطرقة والسندان؛ فهي لا تريد التسرع في الحكم على تجربة أموريم لتجنب صورة الفشل السريع، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن استمرار النزيف قد ينعكس سلبًا على سمعة النادي وعوائده المالية، خصوصًا مع التراجع الحاد في ترتيب الدوري وخطر الغياب عن البطولات الأوروبية الموسم المقبل.
تصريحات فرديناند جاءت لتؤكد ما يردده الكثير من أنصار النادي والمحللين: أن الخطة الحالية لا تناسب طبيعة الدوري الإنجليزي ولا إمكانيات اللاعبين. بالنسبة لهم، الأمر ليس “علم صواريخ”، بل عودة إلى تكتيك تقليدي نجح سابقًا مع مانشستر يونايتد وأندية كبرى أخرى.
المستقبل على المحك
يبقى السؤال الأهم: هل يمتلك روبن أموريم المرونة للتراجع عن قناعاته التكتيكية، والعودة إلى 4-2-3-1 لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ أم أن عناده سيقود الفريق إلى مزيد من الانكسارات في موسم بدأ بالفعل بشكل مأساوي؟
في ظل هذه المعطيات، تبدو الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد مصير المدرب البرتغالي، وربما مستقبل مشروع يونايتد بأكمله، فإما أن يستجيب أموريم لصوت العقل والجماهير ويعيد ترتيب أوراقه سريعًا، أو يواجه خطر الانزلاق إلى قاع الجدول مجددًا، وهو سيناريو لا يليق بتاريخ أحد أعظم أندية كرة القدم الإنجليزية.