kooora logo

يترقب الكثيرون قمة كروية من العيار الثقيل، الليلة، عندما يحل باريس سان جيرمان الفرنسي ضيفا على برشلونة الإسباني على ملعب لويس كومبانيس في مونتجويك، معقل الفريق الكتالوني، لحين الانتهاء من أعمال الملعب الرئيسي الشهير، كامب نو.

يبقى هذا اللقاء بمثابة نهائي مؤجل من الموسم الماضي، بعدما قدم الفريقان عروضًا فنية مثيرة وممتعة، انتهت بتتويج بي إس جي باللقب القاري لأول مرة في تاريخه، بينما انتهت مسيرة البارسا بسيناريو درامي أمام إنتر ميلان بعد التعادل 3-3 في مونتجويك والخسارة 3-4 في ملعب سان سيرو بعد التمديد للوقت الإضافي.

ستكون هناك قمة أيضا خارج الخطوط بين لويس إنريكي المدير الفني لباريس سان جيرمان، الفائز بجائزة “يوهان كرويف” لأفضل مدرب في العالم بحفل الكرة الذهبية بعد قيادة الفريق للفوز بخمسة ألقاب محلية وقارية هذا العام ضد نظيره الألماني هانز فليك الذي صعد مع البارسا إلى منصات التتويج بالثلاثية المحلية، الدوري وكأس ملك إسبانيا وكأس السوبر الإسباني.

وتبادل المدربان كلمات الإطراء والإشادة قبل اللقاء، حيث قال إنريكي “أنا مشجع لبرشلونة، فهو فريقي وبيتي، وأستمتع كثيرا بهذا الفريق، وأشاهد كل مبارياته، وأعرف مدربه فليك منذ فترة طويلة، ومعجب للغاية بما يقدمه منذ توليه المسؤولية”.

أما فليك اعتبر مواجهة باريس سان جيرمان، حامل اللقب بمثابة “تحد كبير”، مشددا على أن الفريق يتطلع بقوة لهذه المواجهة ويريد تحقيق الفوز.

وكان لفليك وإنريكي بصمة واضحة للغاية على الفريقين ظهرت في مشوارهما الأوروبي بالموسم الماضي، حيث كان الفريقين الأكثر شراسة هجومية حيث اعتلى الفريق الكتالوني الصدارة بتسجيل 43 هدفا يليه بي إس جي 38 هدفا.

شخصية البطل

زرع فليك وإنريكي شخصية البطل في صفوف الفريقين، فالمدرب الإسباني يؤكد منذ وصوله إلى حديقة الأمراء في صيف 2023، أن الفريق هو النجم، وأن هدفه هو أن يرى فريقا يدافع بـ 11 لاعبا، ويهاجم بـ 11 لاعبا، وقد ترجم ذلك بوضوح في أرض الملعب.

بكل جرأة شديدة تعامل إنريكي بقرارات صارمة ضد عدد من النجوم مثل عثمان ديمبلي وجيانلويجي دوناروما، وقبلهما كيليان مبابي قبل رحيله إلى ريال مدريد في صيف العام الماضي 2024، ووصل الأمر لانتقادهم علنا، بل واستبعادهم من بعض المباريات.

في موسمه الأول وصل بي إس جي تحت قيادة إنريكي للدور قبل النهائي، ولكنه خسر ذهابا وإيابا أمام بوروسيا دورتموند الألماني، وبعدها أصر المدرب الإسباني على أن فريقه يسير على الطريق الصحيح.

وتميز المشوار الأوروبي لباريس تحت قيادة إنريكي بخوض مواجهات ثقيلة أمام ميلان ونيوكاسل يونايتد وبرشلونة في الموسم الأول ثم أتلتيكو مدريد وبايرن ميونخ وآرسنال وليفربول وإنتر ميلان في الموسم الثاني.

وبفضل شخصية لويس إنريكي القوية، تخطى العملاق الباريسي محطات صعبة للغاية، ليحقق حلمه الأكبر برفع الكأس ذات الأذنين، ويحتفل إنريكي بإنجاز يراه أصعب مما حققه مع برشلونة بالتتويج بلقب 2015 مع فريق يضم الثلاثي الهجومي الناري ميسي ونيمار ولويس سواريز.

في الجهة الأخرى، كانت مهمة فليك، أكثر صعوبة، لأنه وصل إلى برشلونة في صيف 2024، ليقود فريقا يعاني على كافة الأصعدة سواء فنيا أو بدنيا، وسط أزمات مالية طاحنة تحاصر النادي ورئيسه خوان لابورتا، ومديره الرياضي ديكو.

لكن فليك، الفائز بدوري أبطال أوروبا مع بايرن ميونخ في 2020، نجح تدريجيا في غرس شخصية البطل داخل نفوس لاعبي برشلونة، وعالج الثغرات البدنية الواضحة التي كان يعاني منها الفريق وتسببت في إصابة لاعبيه وابتعادهم لفترات طويلة خاصة ثنائي الوسط فرينكي دي يونج وبيدري، العمود الفقري للفريق.

قبل وصوله إلى القلعة الكتالونية، عاش برشلونة موسمين ونصف من التخبط الفني والبدني تحت قيادة مدربه الشاب تشافي هيرنانديز، الذي رحل في صيف 2024 بعد أسابيع قليلة من الإعلان عن تجديد تعاقده، وذلك بعد انتقادات علنية لإدارة النادي بشأن سياستها في سوق الانتقالات.

في وجود تشافي كان الفريق يعاني بشدة أمام منافسيه في قلب النتيجة، أما فليك نسف هذه الفكرة تماما، ونجح برشلونة تحت قيادته في قلب النتيجة أكثر من مرة، ورسم سيناريو أكثر من ريمونتادا، محليا وقاريا، وكسر شوكة منافسه التقليدي، ريال مدريد بالفوز عليه أربع مرات خلال موسم واحد في جميع المسابقات المحلية.

سياسة جديدة

قبل وصول إنريكي،  اعتاد النادي الباريسي على الصرف ببذخ سعيا للتعاقد مع نجوم وأسماء من العيار الثقيل، لكن المدرب الإسباني ألغى هذه الفكرة تماما، ودفع مسؤولي بي إس جي بكل جرأة للاستغناء عن أسماء ثقيلة بحجم سيرجيو راموس وليونيل ميسي ونيمار جونيور في صيف 2023.

وبعد عام واحد فقط، لم يرتبك لويس إنريكي أو يندب حظه بعد التفريط في نجم الفريق وهدافه التاريخي، مبابي، بل صنع منظومة عمل قوية بتعاقدات شابة ومدروسة مثل دوي وباركولا وكفاراتسخيليا، أفرزت فريقا جماعيا متكاملا في كافة الخطوط.

وكان لنتاج سياسة إنريكي، ترشح 9 لاعبين من بي إس جي لجائزة الكرة الذهبية، وهم عثمان ديمبلي الفائز بها، إضافة إلى زملائه أشرف حكيمي ونونو مينديز وفيتينيا وفابيان رويز وجواو نيفيز وكفاراتسخيليا وديزيريه دوي إضافة إلى دوناروما الذي انتقل إلى مانشستر سيتي.

الوضع كان مختلفا مع فليك في برشلونة، فهو يتعامل وسط أزمات مالية طاحنة، ومشاكل إدارية، ومحاولات صعبة لقيد اللاعبين في القائمة، واللجوء لصفقات مجانية أو الإعارات مع تصعيد المواهب الشابة من أكاديمية النادي “لا ماسيا”.

ولكن فليك كسب الرهان وسط كل هذه التحديات الصعبة، ونجح في نفض الغبار عن عدد من اللاعبين مثل رافينيا وجوليس كوندي وفيران توريس وإيريك جارسيا، ومنح ثقة أكبر للعناصر الشابة لتكون العمود الفقري للفريق مثل بيدري وأليخاندرو بالدي ولامين يامال وباو كوبارسي.

كما أجاد الاستفادة من عناصر الخبرة مثل ليفاندوفسكي وإينيجو مارتينيز قبل رحيله إلى النصر السعودي، وفرينكي دي يونج وحارس المرمى البولندي تشيزني الذي أعاده من الاعتزال، وقدم للفريق وجوها جديدة مثل ثنائي الوسط كاسادو وبيرنال، وكذلك خوان جارسيا حارس المرمى المنضم حديثا من إسبانيول، ولكنه سيغيب أسابيع للإصابة.